محاولة لتوليف النسبية العامة مع ميكانيكا الكم عبر الثقوب الدودية، فهل تنجح؟ - Simply the Science

اخر المواضيع

الأحد، 9 يوليو 2017

محاولة لتوليف النسبية العامة مع ميكانيكا الكم عبر الثقوب الدودية، فهل تنجح؟


ما زال علماء الفيزياء حتى اليوم يواجهون أكبر مشكلة مستعصية في محاولة وضع نموذج فيزيائي موحد للكون، لأن أفضل نظريتين تشرحان الكون؛ أي النسبية العامة وميكانيكا الكم، تعملان مثاليًا كلٌ على حِدة، لكن عند محاولة دمج النظريتين معًا تخفق الرياضيات في وصف العالم.

ولا تنتهي محاولات الفيزيائيين في حل تلك المعضلة، ومنها محاولة عالم الفيزياء النظري في جامعة ستانفورد التي يقترح معادلة جديدة لحل مشكلة ربط النظريتين وأن مفتاح ذلك نجده داخل أنفاق زمكانية تدعى «الثقوب الدودية.»

وتلك المعادلة هي ببساطة ER=EPR، لكنها ليست مبنية على قيم عددية، بل تُمثل أسماء علماء لعبوا دورًا في الفيزياء النظرية.

نلاحظ على الجهة اليسرى من المعادلة الاختصار ER، وهما الحرف الأول من اسمَي العالمين «أينشتاين – Einstein» و«ناثان روزن -Nathan Rosen»، ويشير إلى الورقة التي كتباها سوية في العام 1935، لوصف الثقوب الدودية والتي تعرف تقنيًا بمعابر أينشتاين وروزن.

على الجهة الأُخرى من المعادلة يُمثل الاختصار EPR الأحرف الأُولى من أسماء «أينشتاين – Einstein» و«ناثان روزن -Nathan Rosen» و«بوريس بودولكسي – Boris Podolsky» الذين عملوا سوياً على ورقة بحثية أخرى في ذلك العام لوصف التشابك الكمي.

وفي العام 2013، اقترح الفيزيائي «ليونارد سسكايند – Leonard Susskind» من جامعة ستانفورد و«خوان مالداسينا – Juan Maldacena» من «معهد الدراسات المتقدمة في برينستون» أن الورقين البحثيتين تصفان الشيء ذاته، ولم يدرس أحد هذا من قبل، حتى أينشتاين نفسه لم يفعل هذا.
ويعود سسكايند اليوم لنقاش معطيات النظرية وإذا كانت صحيحة. لكن في البداية لننظر إلى الأجزاء الفردية من المعادلة.

بينت النظرية النسبية العامة لأينشتاين أولًا أن الثقوب الدودية هي معابر بين موقعين في الكون. فنظريًا إذا سَقطتَ في جهة من الثقب الدودي فإنك ستظهر في الجهة المقابلة فورًا تقريبًا، حتى وإن كانت تلك الجهة بعيدًا في الطرف المقابل من الكون. لكن الثقب الدودي ليس بوابة بين موقعين في الكون، بل هو بوابة لزمانين مختلفين في الكون أيضًا، وقال «كارل ساغان – Carl Sagan» موضحًا «قد تَظهرُ إذا سقطت في ثقب دودي في مكان آخر وزمان آخر من الكون.»

يصف التشابك الكمي في الجهة الأخرى قدرة تفاعل جسيمين مع بعضهما بتلك الطريقة المترابطة تمامًا ومشاركة الوجود الأساسي. وهذا يعني أن ما يحدث لأحد الجسيمين سيؤثر على الآخر مباشرةً وفورًا، حتى وإن كانا على بعد سنين ضوئية كثيرة.

حسنًا لندمج الآن النظريتين سوية …

يقترح سسكايند في ورقته الجديدة سيناريو افتراضي، يأخذ فيهما الشخصان الافتراضيين أليس وبوب مجموعة من الجسيمات المتشابكة، وتأخذ أليس فرد من كل زوج، ويأخذ بوب الآخر، ثم يطير كلٌ منهما في اتجاه معاكس في الكون بواسطة طائراتهما النفاثة الافتراضية الفائقة السرعة.

وعند استقرارهما في موقعيهما المنفصلين؛ يحطم بوب وأليس جسيماتهما سوية بقوة كبيرة، ويصنعان ثقبين أسودين منفصلين.  والنتيجة كما يقول سسكايند تكُّون ثقبان أسودان متشابكان على الجهتين المتعاكستين من الكَون لكنهما مرتبطتين بثقب دودي كبير.

يقول «توم سيغفريد – Tom Siegfried» لصحيفة «ساينس نيوز – Science News»: «إذا كانت هذه المعادلة صحيحة، سيربط الثقب الدودي هذين الثقبين الأسودين سويًا، بعد ذلك يمكن وصف التشابك باستخدام هندسة الثقب الدودي.» ويضيف «الأكثر روعة من ذلك؛ هي أن تلك الجسيمات التحت الذرية المتشابكة تكون متصلة مع بعضها بنوع من الثقوب الدودية الكمية.»

ويقول أخيرًا: «طالما أن الثقوب الدودية هي تشوهات في هندسة الزمكان (كما تم وصفها بمعادلات أينشتاين عن الجاذبية) فإن تطابقها مع التشابك الكمي سيشكل رابطًا بين الجاذبية وميكانيكا الكم.»
هل معادلة سسكايند صحيحة؟ من المستحيل القول حتى الآن ذلك، فبعد نشر بحثه في موقع arXiv.org وتدقيقه من قبل بعض أقرانه، لا بد أن يمر بعملية تدقيق رسمية. لكن ووفق تقرير سيغفريد، فإن سسكايند هو ليس الوحيد السائر على هذا الطريق. ففي وقتٍ سابق من العام الجاري توصل علماء فيزيائيين في «معهد كاليفورنيا للتقنية -Caltech» إلى فرضية مشابهة عندما حاولوا إظهار كيف أن التغيرات في الحالة الكمية يمكن أن تُربط بمنحنيات في هندسة الزمكان.

ويقول أحد أعضاء الفريق هو «شون كارول – Sean M. Carroll» في مقال صغير يصف هذه الفرضية أن أكثر علاقة طبيعية بين الطاقة ومنحنى الزمكان في هذا السيناريو قد جاء عن طريق معادلة أينشتاين للنظرية النسبية العامة. ويقول «الزعم في أكثر أشكاله الدراماتيكية هو أن ليس صعبًا الحصول على الجاذبية (منحنى الزمكان الناتج عن الطاقة أو الزخم) في ميكانيكا الكم، إنها عملية تلقائية، أو أنها على الأقل أكثر شيء طبيعي يمكن توقعه.»

علينا الانتظار ورؤية إذا كانت هذه المعادلة أو أي شيء مشابه لها يمكن تأكيده، لكنها بلا شك تعد محركًا للفكر، وسسكايند نفسه يتوقع أنه مقبل على شيء معين عبر هذه الفرضية. ويقول سسكايند: «يبدو واضحًا لي أنَّه إن كانت هذه المعادلة صحيحة؛ أي ER = EPR، فإنها أمر عظيم جدًا، وستؤثر على أُسس وتفسيرات ميكانيكا الكم.« ويضيف: «إذا كُنت على حق، فإن ميكانيكا الكم والجاذبية تكون متصلة بشكل كبير أكثر مما كُنّا (أو كُنتُ أنا على الأقل) نتوقع.»

محمد عامر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق