هل نحن أمام حل للغز اختفاء المادة المضادة؟ - Simply the Science

اخر المواضيع

الجمعة، 7 يوليو 2017

هل نحن أمام حل للغز اختفاء المادة المضادة؟


يمكننا القول أن لغز اختفاء المادة المضادة (أي الفرق بين المادة والمادة المضادة في الكون المنظور) هو في الحقيقة لغز عن وجودنا وكل ما نعرف في الكون، ذلك لأن الانفجار العظيم كان لابد أن يشعل الفتيل لانطلاق عملية سوف تقوم بالنهاية بالقضاء على كل المادة.

ولكن نوعا جديدًا من الاشعاع الغريب والذي تنبأ به العلماء ولكن لم يشاهدوه -حتى الآن- يمكن أن يعطينا بعض الوضوح في النهاية حول حقيقة الأمر، والخبر الجيد أن كاشفًا ضخمًا للجزيئات في إيطاليا يمكن أن يرصده أخيرًا -اذا كان موجودا في الاساس-.

يطلق على الاضمحلال الاشعاعي الذي يحاول العلماء اكتشافه اسم “neutrinoless double-beta decay” اسم ينبئنا انه اضمحلال فقير بجسيمات النيوترينو، لكنه يصدر ازدواجا من اشعة بيتا، واذا تم العثور عليه، فانه سوف يعطينا دليلا جديدا بانه، وفي ظروف غريبة يمكن ان يتم انتاج كميات اكبر من المادة مقابل المادة المضادة.

يخبرنا عن هذا Philip Barbeau من جامعة Duke “اذا تم رصد هذا الاضمحلال الاشعاعي فانه سوف يساعد على حل بعض المشاكل.”
“سوف يساعد اكتشاف هذا الاضمحلال على حل لغز عدم التناسق في الكميات بين المادة والمادة المضادة في الكون.

سوف يساعد ايضا على تفسير معضلة الصغر الهائل لحجم النيوترينو. بالاضافة الى اننا سوف نأخذ فكرة عن حجم جسيمات النيوترينو، بما أن معدل الاضمحلال الاشعاعي مرتبط بمقياس كتلة النيوتريو.”

تظهر مشكلة عدم التوافق بين المادة والمادة المظلمة من النموذج القياسي في الفيزياء، والذي نص على ان الانفجار العظيم انتج مكميات متساوية من المادة والمادة المضادة، والتي -في النهاية- كان عليها ان تلغي بعضها بعضا.

كما هو واضح، فهذا بالطبع لم يحصل، لأن البشر، والشجر، والعصافير، وكل ما نشاهده في كوننا المنظور اليوم هو من المادة التي لم تتحلل.
اذن، اين ذهبت كل المادة المضادة؟

يمكن للاجابة ان تكون مع جسيمات النيوترينو والمتعارف عليها باسم -الجسيمات الشبح-، ذلك لاننا لم نستطع ان نعلم كم تزن هذه الجسيمات بعد، كما انها لا تتفاعل عن طريق القوى الالكترومغناطيسية، ما يعني ان هنالك اعدادا هائلة منها تحوم في الكون بدون ان نشعر بها.

كما تم التنبؤ بأن جسمات النيوترينو يمكن ان تكون هي نفسها جسيمات نيوترينو مضادة -كائنات نظرية تسمى جسيمات الـ Majorana، وهذا يمكن ان يكون المفتاح لعدم التناظر في الكون.

ولاكتشاف هذا كله، فان العلماء يستخدمون تجربة الـ GERDA في ايطاليا (مكتشف الجسيمات العظيم)، وذلك لاكتشاف الجسيمات المشعة التي يمكن لها ان تظهر عدم التناظر الطبيعي هذا، مثل جسيمات النيوترينو انفة الذكر.
في عميلة الاضمحلال الاشعاعي الاعتيادية، يتحلل النيوترون المتعادل لينتج بروتونا موجبا، والكترونا سالبا، بالاضافة لجسيم نيوترينو مضاد، في عملية تسمى اضمحلال beta.

ولكن وفي ذرات الجيرمانيوم (عنصر كيميائي) فان عملية الاضمحلال هذه تحدث مرتين، وهذا يمكن ان يظهر جسيمات النيوترينو تقوم بالغاء بعضها بعضا قبل مغادرتها الذرة.

لذلك، فلدينا الان نموذجا للاضمحلال الاشعاعي يدعى neutrinoless double-beta، حيث يتم تحويل جزيئين من النيوترونات الى الى بروتونات داخل الذرة، ما ينتج عنه الكترونين، ولكن بدون اي جزيئات نيوترينو مضادة.

هذا يعني ان المادة انتصرت في النهاية على المادة المضادة.

توضح Sophia Chen:

“يعتقد علماء الفيزياء النظرية بان هذه العملية، ينتج عنها الكترونين ولكن بدون اي مادة مضادة.

جسيمين صغيرين جديدين من المادة ظهرا فجاة في الكون، ويجب على المقتفيات ان تقوم بقياسهما.

واذا حدثت هذه العملية مرات كافية بعد الانفجار العظيم، فربما تقوم بتفسير لغز ضياع المادة المضادة، وبالتالي وجود المادة نفسها بهذه الكميات في الكون.”

لسوء الحظ، فان هذه العملية يصعب جدا اكتشافها في الفضاء، وذلك بسبب الضوضاء الكونية التي ترافقها، في الغالب على شكل اشعاعات كونية.
وهذا هو السبب الفعلي لوجود الـ GERDA.

يقوم الان فريق من العلماء برصد 35.6 كغ من عنصر الجيرمانيوم وضع داخل كمية كبيرة من عنصر الارغون، والذي وضع بدوره داخل كمية اكبر من الماء السائل، وذلك لرصده يضمحل.

“لم يرصد العلماء بعد عملية الاضمحلال الجديدة، ولكن تجربتهم لحد الان تجري بشكل جيد جدا” يقول Ryan F.Mandelbaum.

“لا يوجد اي ضوضاء في الخلفية المرافقة، وهذا انجاز هائل.”

الان كل ما علينا فعله هو انتظار الجراميوم كي يضمحل، ولكن عندما يفعل، يمكننا وقتها ان نشهد امرا غير مسبوق.

وعندها يمكننا حقا ان نتحمس حول مصير الفيزياء كما نعرفها.

“ان اكتشاف عملية الاضمحلال الاشعاعي مزدوجة اشعاع بيتا التي سبق ذكرها، يمكن ان تقدم لنا فهما بعيدا لفيزياء الجزيئات وعلم الفضاء” بناء على كلام فريق المقتفي GERDA في ورقتهم البحثية.

محمد عامر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق